responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 263
على أنّ من الهذيان ما يكون مفهوما، ومن المحال ما يكون مسموعا.
فمن جهل ذلك ولم يعرفه، وقصّر ولم يبلغه، فليسمع كلام اللهفان والثّكلان، والغضبان والغيران، ومرقّصة الصّبيان، والمنعظ إذا دنا منه الحلقي.
حتّى إذا استوهبك لم تهب له منه حتّى تقف وقفة، وتطرق ساعة، ثم تستحسن وتستشير، ثم تشفّع على مستوهبه، وتعجّب من شاربه، ثم تطيل الكتاب بالامتنان، وتسطّر فيه بتعظيم الإنعام مع ذكر مناقه، ونشر محاسنه بقدر الطاقة. وإن لم تبلغ الغاية فاعرف وزنه، واشهد بطيبه، وأرّخ ساعته، واشهر في النّاس يومه.
وما ظنّك بشيء لا تقدر أن تشرد في ذكره وتفرّط في مدحه، وتقصيرك واضح في لونه، مكتوب في طعمه، موجود في رائحته، إذ كان كلّ ممدوح يقصر عن مدحه وقدره، ويصغر في جنبه.
ولو لم يستدلّ على سعادة جدّك، وإقبال أمرك، وأنّ لك زيّ صدق في المعلوم، وحظّا في الرّزق المقسوم، وأنّك ممن تبقى نعمه، ويدوم شكره، ويفهم النّعمة ويروبّها، ويدرأ عنها ويستديمها، إلّا أنّه وقع في قسمك، وكان في نصيبك- لكان ذلك أعظم البرهان، وأوضح الدلالة.
بل لا نقول: إنّه وقع اتفاقا وغرسا نادرا، حتّى يكون التّوفيق هو الذي قصد به، والصّنع هو الذي دلّ عليه.
[5- النبيذ غنى لمالكه وفقر لفاقده]
ولو لم تملك غيره لكنت غنيّا، ولو ملكت كلّ شيء سواه لكنت فقيرا.
وكيف لا يكون كذلك وهو مستراح قلبك، ومجال عقلك، ومرتع عينك،

اسم الکتاب : الرسائل الأدبية المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست